شبكة قدس الإخبارية

ضم الضفة الغربية على جدول أعمال حكومة الاحتلال: يتصدر أجندة الاجتماعات 

IByXY (1)

ترجمة خاصة - شبكة قُدس: أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن نقاشات سياسية حادة اندلعت في “إسرائيل” عقب تسريب كشفته الصحيفة ذاتها، يفيد بأن وزير الشؤون الإستراتيجية في حكومة الاحتلال رون ديرمر أبدى دعمه في اجتماع مصغّر مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لخطوة فرض السيادة على الضفة الغربية، وذلك في ظل التوجّه الفرنسي نحو الاعتراف بدولة فلسطينية.

وبحسب التقرير، فقد قال ديرمر، المقرّب من نتنياهو، إن “السيادة ستُفرض في الضفة الغربية، والسؤال فقط على أي جزء منها”، في حين أظهر نتنياهو تحفظًا علنيًا تجاه المضي في هذا المسار.

في أروقة حكومة الاحتلال رحّب وزراء بتصريحات درمر، لكن بعضهم شدد على أن فرض السيادة لا يجب أن يكون مرتبطًا بالتحركات الفرنسية، ولا أن يقتصر على خطوات رمزية أو على الكتل الاستيطانية وحدها. وزير النقب والجليل والأمن القومي من حزب “عوتسما يهوديت”، يتسحاق وسرلاوف، هاجم الاعتراف الفرنسي المرتقب بالدولة الفلسطينية واعتبره “دعماً للعنف ضد الشعب اليهودي”، مضيفًا أن السيادة “كان يجب أن تُفرض بالأمس، وبمعزل عن مواقف باريس”، لكنه أقرّ بأن القيام بالخطوة ردًا على فرنسا سيُعدّ “رسالة واضحة بأن كل أرض إسرائيل لنا”.

من جهته، دعا عضو الكنيست سمحا روتمان من حزب “الصهيونية الدينية” نتنياهو وأعضاء حكومته إلى استغلال اللحظة، مؤكدًا أن “السيادة على أرض إسرائيل ليست ردًا على خطوات دولية، بل هي الخيار الوحيد لضمان مستقبل الدولة العبرية”. نواب من حزب الليكود، بينهم دان ايلوز وأريئيل كلنر، عبّروا عن مواقف مشابهة، حيث شدد ايلوز على أن “فرض السيادة بات مسألة محسومة، لكن الاكتفاء بخطوة صغيرة سيكون تفريطًا تاريخيًا”، داعيًا إلى فرض السيادة الكاملة على الضفة وغور الأردن.

في المقابل، شنّت المعارضة هجومًا على ديرمر والائتلاف الحاكم. النائبة يوليا ميلونسفكي من حزب “إسرائيل بيتنا” ذكّرت بأن الحكومة نفسها أسقطت سابقًا مشروع قانون لفرض السيادة على غور الأردن، متوعدة بأن حزبها سيعيد طرح مشروع مشابه عند افتتاح الدورة الشتوية للكنيست. أما رئيسة حزب العمل ميراف ميخائيلي فسخرت بالقول إن الحكومة مشغولة بـ”تسويق الأفكار المشيحانية” بدلًا من العمل على استعادة الأسرى المحتجزين في غزة، معتبرة أن “الحلم ببناء الهيكل أخطر من أي تهديد آخر”.

وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية قد كشفت كواليس النقاشات الدائرة داخل أروقة حكومة الاحتلال حول مسألة فرض “السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية، وهي الفكرة التي تعود بين الحين والآخر إلى جدول أعمال اليمين الاستيطاني في إسرائيل، لكنها غالبًا ما بقيت حبيسة الشعارات. 

هذه المرة، وفق الصحيفة، قد تكون الظروف السياسية والدبلوماسية مواتية أكثر من أي وقت مضى لتنفيذ هذه الخطوة، خصوصًا مع اقتراب موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر، حيث يُتوقّع أن تعلن فرنسا وعدد من الدول عن الاعتراف بدولة فلسطينية.

بحسب ما ورد، اجتمع الأسبوع الماضي منتدى وزاري مصغّر برئاسة رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو لبحث هذه القضية الحساسة. ورغم أن اللقاء لم يكن سريًا بالكامل، إلا أنه مرّ إلى حدّ كبير تحت رادار الإعلام. إلى جانب نتنياهو، حضر الاجتماع وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، المسؤول عن ملف العلاقات مع الولايات المتحدة ودول الخليج، ووزير الخارجية جدعون ساعر، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إضافة إلى رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي وسكرتير الحكومة يوسي فوكس.

خلال النقاش، أعرب رون ديرمر، أحد أقرب المقربين من نتنياهو، عن دعمه الواضح لخطوة الضم، قائلًا: “ستكون هناك سيادة في الضفة الغربية، والسؤال فقط هو على أي جزء منها”. وأوضح التقرير أن ديرمر طرح الموقف نفسه قبل أسبوعين في اجتماع آخر موسّع للكابينيت، بعدما أثار وزراء من التيار الديني القومي – وعلى رأسهم سموتريتش – موضوع السيادة وطالبوا بالمضي به سريعًا قبيل اجتماعات الأمم المتحدة.

النقاش المذكور تطرّق إلى عدة خيارات مطروحة على الطاولة: هل يتم فرض “السيادة” على الكتل الاستيطانية الكبرى فقط، أم على جميع المستوطنات؟ هل يشمل ذلك كامل مناطق (ج) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، أم يقتصر على الأغوار والمناطق المفتوحة؟ كما برزت معضلة أخرى: هل يُقدَّم هذا التحرك كخطوة انتقامية بعد أي إعلان دولي عن الاعتراف بدولة فلسطينية، أم ينبغي استباقه باعتباره خطوة وقائية؟.

وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر قدّم قراءة دبلوماسية للوضع، محذرًا من أن أوروبا ستعارض مثل هذه الخطوات بشكل حاد، مما قد يفاقم عزلة "إسرائيل" ويؤدي إلى مزيد من التدهور في العلاقات السياسية. وأكد ساعر أن تحليله لا يرتبط بموقفه المبدئي من القضية بل هو تقدير موضوعي للواقع الدولي.

في المقابل، يواصل سموتريتش منذ فترة طويلة الدفع بهذا الملف بقوة، حيث قام عبر “مديرية الاستيطان” التابعة لوزارة جيش الاحتلال بإعداد خرائط وسجلات ميدانية لتجهيز الأرضية التقنية والقانونية للضم.

من جهتهم، شدد قادة مجلس المستوطنات (يشع) على رفضهم الاكتفاء بضم الكتل أو الأغوار، معتبرين أن ذلك بمثابة إقرار بعقيدة اليسار حول حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية. وشارك سموتريتش في هذا الموقف الرافض، حيث يرى أن الاكتفاء بجزء محدود يعني خسارة فرصة تاريخية لترسيخ السيطرة الإسرائيلية. كما دفع بعض النواب من الليكود، مثل أبراهام بوارون، باتجاه سيناريو أكثر راديكالية يتمثل في ضم أراضٍ مفتوحة حتى داخل مناطق (أ) و(ب)، وذلك بهدف تفتيت أي تواصل جغرافي فلسطيني.

رغم الضغوط المتزايدة من حلفائه في اليمين الديني القومي، يواصل نتنياهو التحفظ في إعلانه عن الخطوات القادمة. ففي لقاء جمعه مع رؤساء السلطات المحلية في المستوطنات، اكتفى بالقول إنه “لا يكشف تفاصيل المناورة السياسية”. مصادر مطلعة أوضحت لصحيفة يديعوت أحرونوت أن نتنياهو يخشى من التداعيات الدولية العميقة لهذه الخطوة، وأنه يفضل التريث إلى حين اتضاح الموقف الفرنسي في الأمم المتحدة.

ورغم هذا التحفظ، حرص نتنياهو في الأسبوع الأخير على المشاركة شخصيًا في فعاليات مرتبطة بالاستيطان، من بينها احتفال مرور 50 عامًا على تأسيس مستوطنة “عوفرا”، وأيضًا مهرجان نظمته “مجلس بنيامين” الاستيطاني. اللافت أنه اختصر اجتماعات الكابينيت الأمنية لينهيها بسرعة، كي يتسنى له حضور هذه الفعاليات، ما يشير إلى أهمية الرسائل التي يبعث بها إلى جمهوره اليميني القومي.

التقرير أشار كذلك إلى أن بعض الوزراء سمعوا خلال لقاءاتهم مع ممثلي إدارة ترامب إشارات بأن واشنطن لن تعارض تحركًا إسرائيليًا واضحًا في هذا الاتجاه، بل قد تدعمه إذا طُرح بشكل منسّق. وقد انعكس ذلك في قرارات رمزية صادرة عن الكنيست، حيث صوّتت الأغلبية – بما يشمل بعض أطراف المعارضة – ضد الاعتراف بدولة فلسطينية، وأيّدت في المقابل قرارًا يدعم فرض السيادة في الضفة الغربية.

وختمت الصحيفة بأنه في نهاية المطاف، يظل السؤال الكبير – كما طرحته شخصيات بارزة داخل الليكود – هو: هل سيُقدِم نتنياهو على خطوة الضم الآن ليحوّلها إلى إنجاز انتخابي يواجه به أزماته الداخلية، أم سيُبقيها ورقة وعد انتخابي للمستقبل، أم أن الأمر سيبقى مجرد نقاشات وتصريحات بلا تنفيذ كما حدث في مرات سابقة؟!.